أدى عدم الاستقرار السياسي في فنزويلا في القرن التاسع عشر إلى مجموعة من العوامل، بما في ذلك إرث النظام الاستعماري الإسباني، النضال من أجل الاستقلال والصراعات الداخلية التي استمرت بعد إعلان الاستقلال. كانت هذه فترة واجهت فيها البلاد تحديات عديدة، بما في ذلك الحروب الأهلية، الأزمات الاقتصادية والفوضى السياسية، مما صعّب من إنشاء نظام حكومي مستقر.
بعد الحصول على الاستقلال عن إسبانيا في عام 1821، واجهت فنزويلا مشاكل جسيمة. ترك النظام الاستعماري آثاراً عميقة في الهيكل السياسي والاجتماعي للبلاد. غالباً ما كان الحكام الاستعماريون السابقون والكريول يتنافسون على السلطة، مما أدى إلى تفتت سياسي ونقص في هوية وطنية موحدة. بدأت الفصائل السياسية التي تمثل مصالح مناطق مختلفة في النضال من أجل النفوذ، مما زاد من تعقيد عملية إنشاء حكومة مركزية.
في هذه الفترة، ظهرت عدة شخصيات سياسية رئيسية كان لها تأثير كبير على الأحداث في البلاد. على الرغم من أن سيمون بوليفار ظل رمز الاستقلال، إلا أنه لم يتمكن من تأسيس نظام مستقر، وبعد وفاته في عام 1830، بدأت موجة جديدة من عدم الاستقرار السياسي. كانت الساحة السياسية مليئة بشخصيات مثل خوسيه أنطونيو باديا، الذي مثل مصالح الكريول، والقادة الفيدراليين الذين كانوا يسعون إلى لامركزية السلطة.
أدى عدم الاستقرار السياسي في فنزويلا إلى سلسلة من الحروب الأهلية التي نشبت على مدار القرن التاسع عشر. كانت واحدة من أبرز النزاعات هي الحرب الفيدرالية التي بدأت في عام 1859. كانت هذه الحرب ناتجة عن المواجهة بين الفيدراليين الذين طالبوا بلامركزية السلطة، والمركزيين الذين سعوا إلى تعزيز الحكومة المركزية. استمرت النزاعات nearly عشر سنوات وانتهت في عام 1863، تاركة عواقب مدمرة للبلاد.
سهمت الصعوبات الاقتصادية أيضاً في عدم الاستقرار السياسي. واجهت فنزويلا، التي اعتمدت لسنوات عديدة على تصدير الكاكاو والقهوة، أزمات اقتصادية ناجمة عن تقلبات الأسعار في الأسواق الدولية. أدى ذلك إلى استياء بين الفلاحين والعمال الذين بدأوا يطالبون بالإصلاحات الاجتماعية وتحسين ظروف المعيشة. ساهمت المشاكل الاقتصادية المتزايدة في زيادة مشاعر الاحتجاج والفوضى السياسية.
لعبت العوامل الخارجية أيضًا دورًا مهمًا في عدم الاستقرار السياسي في فنزويلا. كانت دول مثل بريطانيا والولايات المتحدة تحاول الاستفادة من الصراعات الداخلية لمصالحها، من خلال التدخل في شؤون فنزويلا. على سبيل المثال، في عام 1902، فرضت بريطانيا وألمانيا وإيطاليا حصارًا بحريًا للمطالبة بسداد الديون، مما أضعف سيادة البلاد وزاد من تفاقم المشاكل الداخلية.
فقط في نهاية القرن التاسع عشر، مع وصول قادة مثل غوستافو كارديناس وأتباعه إلى السلطة، بدأت محاولة توحيد السلطة واستقرار الوضع في البلاد. على الرغم من العديد من الصعوبات، بدأت الحكومة تركيز جهودها على إعادة بناء الاقتصاد وتحسين العلاقات مع القوى الأجنبية. أدت هذه المحاولة إلى استعادة تدريجية للوحدة الوطنية، ولكن كانت التوترات السياسية لا تزال قائمة.
كان لعدم الاستقرار السياسي في فنزويلا في القرن التاسع عشر تأثير طويل الأمد على تطور البلاد. استمرت العمليات المعقدة لتشكيل الدولة والهوية الوطنية لعقود عديدة. تركت القضايا الرئيسية المتعلقة بالصراعات الفصائلية والصعوبات الاقتصادية بصمتها على الثقافة السياسية في فنزويلا وشكلت مستقبلها.
بحلول نهاية القرن التاسع عشر، على الرغم من الوضع السياسي المعقد، بدأت فنزويلا عملية التحديث والإصلاح التي سبقت فترات أكثر استقراراً في تاريخها. إن فهم هذه الفترة أمر حاسم لتحليل الأحداث اللاحقة وتطور المجتمع الفنزويلي في القرن العشرين.