شارلمان (742—814) - ملك الفرنجة واللونغبارد، إمبراطور الغرب، واحد من أبرز الحكام في العصور الوسطى الأوروبية. أصبحت فترة حكمه مرحلة رئيسية في تاريخ أوروبا، حيث ساهمت في تشكيل كيانات جديدة وتقليد ثقافي.
وُلد شارلمان في عائلة ملك الفرنجة بيبين القصير وبارترا. منذ صغره تعلم فنون الحرب والإدارة، مما أعده لدوره المستقبلي في التاريخ. في عام 768 بعد وفاة والده، ورث مملكة الفرنجة.
على مدار فترة حكمه، كان شارلمان يوسع أراضيه بنشاط. بدأ بغزو القبائل المجاورة، مثل الساكس، والأفار، واللونغبارد. نتيجة لحملاته، وحد جزءًا كبيرًا من غرب ووسط أوروبا تحت سيطرته، مما أنشأ واحدة من أقوى الدول في ذلك الوقت.
في عام 800، في يوم عيد الميلاد، توج البابا ليو الثالث شارلمان إمبراطورًا للغرب في كاتدرائية سانت بيتر في روما. كانت هذه التتويج رمزًا لبعث فكرة الإمبراطورية الرومانية الغربية وعززت الروابط بين الكنيسة والسلطة الزمنية.
نفذ شارلمان مجموعة من الإصلاحات التي قوت الإدارة المركزية. قسم أراضيه إلى مقاطعات، يديرها نواب، مما أتاح تحسين الإدارة. كما قدم قوانين موحدة ساعدت في توحيد النظام القانوني.
تحت حكمه بدأت النهضة الكارولنجية - فترة من النمو الثقافي والتعليمي الكبير. أسس مدارس كان يتعلم فيها القساوسة والعلمانيون. دعم شارلمان الفن والأدب والعلم، مما ساعد في نشر المعرفة.
تزوج شارلمان عدة مرات وكان لديه العديد من الأطفال، لكن واحدًا فقط من أبنائه، لويس التقي، ورث العرش. بعد وفاة شارلمان في عام 814، تم تقسيم إمبراطوريته بين أبنائه، مما أدى فيما بعد إلى إضعاف السلطة المركزية.
ترك شارلمان أثرًا لا يمحى في تاريخ أوروبا. أصبحت فترة حكمه نموذجًا للملوك المستقبليين وكان لها تأثير على تشكيل الحضارة الأوروبية. لعبت استعادة الإمبراطورية ودعم المسيحية دورًا رئيسيًا في توطيد السلطة والوحدة في أوروبا.
يعد شارلمان واحدة من أبرز الشخصيات في تاريخ العصور الوسطى، وإرثه لا يزال يؤثر على أوروبا المعاصرة. جعلته إنجازاته في مجالات الإدارة والثقافة والدين واحدًا من أعظم الملوك على مر العصور.