الكمبيوتر الشخصي (PC) هو جهاز أصبح جزءاً لا يتجزأ من الحياة الحديثة. لقد غير جذرياً طرق العمل والتواصل والترفيه. بدأت قصة نشوء الكمبيوتر الشخصي في عام 1975، عندما حدثت تغييرات كبيرة في سوق التقنية أدت إلى ظهور أولى الطرازات المتاحة للاستخدام من قبل الأشخاص العاديين.
كانت أولى آلات الحوسبة كبيرة ومعقدة، تتطلب تدريباً خاصاً للاستخدام. كانت هذه الحواسيب تستخدم بشكل أساسي في المنظمات الكبيرة والمؤسسات العلمية والجامعات. منذ أوائل السبعينيات من القرن العشرين، بدأ يظهر اهتمام متزايد بالحواسيب الصغيرة والأجهزة "المنزلية" المعروفة. ساهم تطوير الميكروإلكترونيات والدارات المتكاملة كأساس لإنشاء آلات أكثر إحكاماً وتوافراً.
في عام 1975، تم تقديم ألتير 8800، الذي يعتبر أول كمبيوتر شخصي. تم تصميم هذا الجهاز من قبل شركة MITS (أنظمة القياس والاتصالات الدقيقة)، ونجاحه حدّ من مستقبل سوق الكمبيوتر الشخصي. كان ألتير 8800 يعتمد على معالج Intel 8080 وكان يُباع على شكل مجموعة لتجميعها بواسطة المستخدمين. جعل هذا من السهل على المتحمسين الراغبين في بناء جهاز الكمبيوتر الخاص بهم.
مستلهمين من ظهور ألتير 8800، أنشأ عشاق البرمجة بيل غيتس وبول ألين لغة البرمجة BASIC لهذا الجهاز. كانت هذه خطوة كبيرة إلى الأمام، حيث لعبت البرمجيات دوراً محورياً في جذب المستخدمين. بفضل BASIC، أصبح بإمكان المستخدمين تطوير برامجهم الخاصة واستكشاف ميزات الجهاز الجديد بشكل كامل. أدت هذه الخطوة إلى تشكيل البرمجيات كجزء أساسي من نظام الكمبيوتر الشخصي.
بعد نجاح ألتير 8800، بدأ سوق الكمبيوتر الشخصي في النمو بسرعة. في عام 1976، تأسست شركة آبل، التي قدمت آبل 1 - أول كمبيوتر شخصي مزود بلوحة مفاتيح وشاشة. في عام 1977، أصدرت فريق آبل آبل 2، مما كان إنجازاً حقيقياً بفضل الرسومات الملونة وإمكانية توصيل الأجهزة الخارجية.
كان من أهم اللاعبين الآخرين في السوق كومودور مع كومودور PET وتاندي مع TRS-80. قدمت هذه الحواسيب ميزات متنوعة وإمكانية تخصيص جعلتها جذابة لجمهور أوسع.
مع دخول شركات ونماذج جديدة إلى السوق، نشأت الحاجة إلى المعايير. في عام 1981، أصدرت IBM أول كمبيوتر شخصي لها - IBM PC. أنشأت هذه الجهاز مجموعة من المعايير التي أصبحت أساساً لتطور الكمبيوتر الشخصي فيما بعد. استخدم IBM PC بنية x86، التي أصبحت فيما بعد السائدة في السوق.
سهلت مواءمة الأجزاء المادية والواجهات إنتاج البرمجيات وتوافقها، مما عزز نمو الصناعة وزيادة عدد المستخدمين للكمبيوتر الشخصي.
في الثمانينيات من القرن الماضي، توقفت أجهزة الكمبيوتر الشخصية عن كونها رفاهية وأصبحت متاحة لمعظم الأسر. أتاح ظهور واجهة المستخدم الرسومية، التي استخدمت على نطاق واسع في حواسيب آبل وميكروسوفت ويندوز، التفاعل مع الكمبيوتر الشخصي بشكل أكثر سهولة وجاذبية لقاعدة جماهيرية أوسع. في ذلك الوقت، بدأت أيضاً طفرة سوق البرمجيات، مما عزز من مكانة الكمبيوتر الشخصي.
كان لاختراع الكمبيوتر الشخصي تأثير كبير على حياة الناس. أصبح الكمبيوتر الشخصي أداة للتعلم والعمل والإبداع والتواصل. ساهمت شبكة الإنترنت، التي تطورت تزامناً مع انتشار أجهزة الكمبيوتر الشخصية، في تعميق هذا التأثير حيث فتحت آفاقاً جديدة لتبادل المعلومات وتفاعل الناس.
وجدت أجهزة الكمبيوتر الشخصية مكانها في المنازل والمدارس والمكاتب، مما غير أشكال العمل والتواصل المعتادة. أصبحت أدوات لزيادة الإنتاجية وتبسيط المهام التي كانت تستغرق الكثير من الوقت سابقاً.
غيّر الكمبيوتر الشخصي، الذي ظهر في السوق عام 1975 مع ألتير 8800 والنماذج اللاحقة، العالم. فتح هذا الاختراع الأبواب لتطوير التكنولوجيا، وأصبح أساساً للتعلم والعمل والترفيه، وهو ما يستمر حتى اليوم. لا يمكن المبالغة في تقدير تأثير الكمبيوتر الشخصي على المجتمع الحديث - فقد أصبح واحدة من أهم التقنيات في عصرنا، غيرت ليس فقط أساليب العمل ولكن أيضاً هيكل الحياة اليومية.