تتمتع الرموز الوطنية لمالطا بجذور تاريخية عميقة تعكس موقعها الاستراتيجي في البحر الأبيض المتوسط ودورها المهم في السياسة الدولية. الرموز، مثل الشعار، العلم، النشيد، والأعياد الوطنية، لها تحقيق خاص بها وتطورت على مدار القرون، بدءًا من أقدم الحضارات التي تركت بصمة على الجزيرة. كل عنصر من عناصر الرموز الوطنية يرمز إلى أحداث تاريخية مهمة، وإرث ثقافي، واستقلال استطاعت مالطا الحفاظ عليه على مر السنين.
علم مالطا هو واحد من أبرز رموز البلاد، ويتكون من شريطين عموديين: الأبيض والأحمر. يمثل الشريط الأبيض السلام والنقاء، بينما يمثل الأحمر الشجاعة والقوة. في الزاوية اليسرى العليا من العلم يتم تصوير صليب الأوردر، الذي يذكر بأهمية أوامر القديس يوحنا، بالإضافة إلى الإرث التاريخي المرتبط بالفرسان الذين حكموا مالطا لعدة قرون.
تم اعتماد هذا العلم رسميًا بعد استعادت مالطا استقلالها عن بريطانيا في عام 1964، على الرغم من أن العلم نفسه تم استخدامه في فترة سابقة. في عام 1988، أضيف عنصر مهم - ميدالية جورج السادس، التي منحها الجزيرة خلال الحرب العالمية الثانية للشجاعة. يرمز هذا الشعار في وسط العلم إلى الجائزة ويبرز أهمية السياق التاريخي للحرب العالمية الثانية، حيث لعبت مالطا دورًا حاسمًا في المعركة ضد الفاشية.
يمثل شعار مالطا صورة درع مع أوردر القديس يوحنا في الوسط. تم اعتماد الشعار رسميًا في عام 1975 ويعد رمزًا مهمًا للسلطة والمكانة الوطنية. يتمتع أوردر القديس يوحنا، المعروف أيضًا باسم الأوردر المالطي، بتاريخ طويل وكان مؤسسة مهمة طوال تاريخ مالطا. كما يحتوي الشعار على أغصان الغار التي ترمز إلى النصر والمجد. يُستخدم الشعار كرمز رسمي للدولة، وصورته تظهر في مستندات حكومية مختلفة، وعملات، وطوابع بريدية.
علاوة على ذلك، يحمل شعار مالطا أهمية تاريخية كبيرة، حيث يعكس مكانة الجزيرة كدولة مستقلة وصلاتها بالفرسان الذين سيطروا على البلاد في حينها. يرمز ذلك ليس فقط إلى القوة العسكرية والشجاعة، ولكن أيضًا إلى المكانة الأخلاقية والدينية العالية التي احتلتها مالطا في الساحة الدولية.
يُعرف النشيد الوطني لمالطا باسم "L-Innu Malti" ("النشيد المالطي")، وتم اعتماده رسميًا في عام 1945 وأصبح رمزًا للوحدة الوطنية والفخر. تم تأليف موسيقى النشيد بواسطة الملحن روبرت ساموت، بينما كتب الكلمات الشاعر دومينيكو مونتيللي. كتب النشيد باللغة المالطية، مما يبرز الهوية الوطنية للبلاد ورغبتها في الحفاظ على ثقافتها وتقاليدها.
أصبح النشيد رمزًا موسيقيًا للبلاد، وأيضًا عنصرًا مهمًا في الاحتفالات الوطنية. يُعزف خلال الأحداث الرسمية، مثل حلف اليمين للرئيس، وأعياد الاستقلال، والأحداث الدولية الهامة. يمثل أداء النشيد لحظة فخر ووحدة وطنية بالنسبة للمالطيين، كما أنه جزء مهم من الاحتفالات العامة والزيارات الحكومية.
واحدة من أبرز عناصر الرموز الوطنية لمالطا مرتبطة بأوردر القديس يوحنا، الذي لعب دورًا رئيسيًا في تاريخ الجزيرة. تم تأسيس هذا الأوردر الفرسان في القرن الحادي عشر وكان جزءًا مهمًا من تاريخ مالطا، بدءًا من فترة إدارته للجزيرة في عام 1530 وما زال مستمرًا حتى الآن. يرتبط أوردر القديس يوحنا بشجاعة الفرسان، والروحانية، والنشاط الإنساني.
يمتلك الأوردر رمزه الخاص - صليب الأوردر المالطي، الذي يمثل صليبًا ذي ثماني زوايا. هذا الصليب هو جزء من عناصر الرموز الوطنية المتعددة، بما في ذلك الشعار، العلم، والشعارات. يرمز رمز الأوردر إلى مثالية العدالة، والرأفة، والشجاعة، بالإضافة إلى أهمية حماية المسيحية في البحر الأبيض المتوسط.
يرتبط تطوير الرموز الوطنية لمالطا بتاريخها الطويل وتأثيراتها العديدة، من العصور القديمة إلى العصر الحديث. على مر القرون، كانت مالطا جزءًا من إمبراطوريات مختلفة، مما ترك أثرًا لا يُمحى على ثقافتها ورموزها. مرحلة مهمة في تاريخ الرموز هي فترة حكم فرسان الأوردر المالطي، حيث أصبحت الجزيرة معروفة باسم "حصن المسيحية". في ذلك الوقت، تم تطوير جزء كبير من الرموز التي تم استخدامها على الشعارات والأعلام، وما زالت تُعتبر جزءًا مهمًا من الهوية الوطنية.
بعد غزو مالطا من قبل نابليون وانتقالها لاحقًا تحت السيطرة البريطانية، تعرضت الرموز الوطنية للجزيرة للتغييرات. ومع ذلك، ظلت الرموز المرتبطة بالأوردر الفرسان محفوظة، مما أبرز ارتباط مالطا بإرثها التاريخي. وضعت استقلالية مالطا، التي تم الحصول عليها في عام 1964، مرحلة جديدة في تطوير الرموز الوطنية، حيث تم التصديق على العناصر الحديثة مثل العلم، الشعار، والنشيد، التي ترمز إلى الاستقلال والسيادة الوطنية.
تستخدم الرموز الوطنية لمالطا أيضًا بنشاط في الأعياد الوطنية. يوم الاستقلال، الذي يُحتفل به في 21 سبتمبر، هو واحد من أهم الأعياد، حيث يجتمع المالطيون للاحتفال بحريتهم واستقلالهم عن بريطانيا. في هذا اليوم، تُجرى مواكب احتفالية، حيث تُستخدم الرموز الوطنية، مثل العلم والشعار.
علاوة على ذلك، يُعتبر يوم الجمهورية، الذي يُحتفل به في 13 ديسمبر، حدثًا هامًا. يُذكر هذا العيد بتحول مالطا من المملكة المقيدة إلى الجمهورية في عام 1974. في هذا اليوم، تُجرى مراسم حلف اليمين للرئيس، ويُعزف النشيد الوطني الذي يُعتبر جزءًا مهمًا من احتفال الوضع الجمهوري للبلاد.
تعكس الرموز الوطنية لمالطا التراث التاريخي الغني وثقافة هذه الدولة الصغيرة، ولكن المهمة. تلعب الرموز، مثل العلم، الشعار، النشيد، وصليب الأوردر المالطي، دورًا رئيسيًا في تعزيز الهوية الوطنية والوطنية بين المالطيين. تذكرهم تلك الرموز بالأوقات التي كانت فيها مالطا جزءًا من إمبراطوريات عظيمة، وكذلك في نضالهم من أجل الاستقلال والسيادة، التي أصبحت أساس الدولة الحديثة. تاريخ الرموز الوطنية لمالطا هو تاريخ بلد استطاع، على الرغم من جميع التحديات، الحفاظ على استقلاله وثقافته على مر القرون.