تغطي الفترة الوسيطة في مالطا الوقت من القرن الخامس قبل الميلاد حتى نهاية القرن الخامس عشر. وقد تم تمييز هذه المرحلة من التاريخ بتغيرات كبيرة في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية للجزيرة. كانت مالطا موضوعًا للغزوات، وكانت موقعها الاستراتيجي في البحر الأبيض المتوسط يجذب انتباه حضارات مختلفة.
بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية في القرن الخامس، انتقلت مالطا تحت سيطرة البيزنطيين. خلال هذه الفترة، زاد العنصر المسيحي في الجزيرة، وأصبح المسيحية الدين السائد.
تميزت الفترة البيزنطية ببناء الكنائس والأديرة، وكذلك انتشار الثقافة اليونانية. عكست عمارة هذا الوقت الأساليب البيزنطية التي كانت سائدة في جميع أنحاء الإمبراطورية.
في القرن السابع، خلال الفتوحات العربية، استولت العرب على مالطا. استمرت هذه الفترة حتى نهاية القرن التاسع وكان لها تأثير كبير على الثقافة واللغة والزراعة في الجزيرة.
أدى الحكم العربي إلى العديد من الابتكارات في مالطا، بما في ذلك تحسينات في الزراعة و إمدادات المياه.
قدم العرب تقنيات زراعية وثقافات جديدة، مثل الأرز والسكر والحمضيات. أدت هذه التغييرات إلى ازدهار اقتصادي، وأصبحت مالطا مركزًا مهمًا للتجارة في البحر الأبيض المتوسط.
تركت الثقافة العربية أيضًا أثرها على اللغة والعمارة. العديد من الكلمات في اللغة المالطية لها أصل عربي، مما يدل على تأثير العرب على الثقافة المحلية.
في عام 1091، تم غزو مالطا على يد النورمان، مما أدى إلى بداية مرحلة جديدة في تاريخ الجزيرة. جلب الحكم النورماني معه المسيحية إلى الجزيرة وتعزيز الروابط مع الدول الأوروبية.
في القرنين الثالث عشر والرابع عشر، أصبحت مالطا قاعدة مهمة للفروسية المالطية التي شاركت في الحروب الصليبية. وأضافت هذه الفترة إلى بناء القلاع والحصون التي كانت تحمي من التهديدات الخارجية.
ساهم الحكم النورماني أيضًا في تطوير الاقتصاد. أصبحت الجزيرة مسارًا تجاريًا مهمًا للبضائع الأوروبية، مما ساعد على الازدهار الاقتصادي.
في عام 1530، تم تسليم مالطا لفرسان مالطا، مما كان نقطة مفصلية في تاريخها.
بعد الحصار الكبير لمالطا في عام 1565، بدأ الفرسان بناء عاصمتهم الجديدة - فاليتا. أصبحت هذه المدينة رمزًا لقوة الفرسان وبراعة البحرية.
ترك الفرسان إرثًا معماريًا هامًا. أصبحت فاليتا معروفة بكنائسها الرائعة وقصورها وحصونها. جمعت الأنماط المعمارية في ذلك الوقت بين عناصر الباروك والمانيريزم.
كانت الحياة في العصور الوسطى في مالطا منظمة وفقًا للنظام الإقطاعي، حيث لعب الفرسان وأصحاب الأراضي والفلاحون أدوارًا مهمة.
كان الفلاحون يعملون في أراضي أصحاب الأراضي وكانوا ملزمين بأداء مختلف الالتزامات. كانت حياة الفلاحين صعبة، لكنهم لعبوا دورًا مهمًا في الزراعة.
كان للفرسان سلطة ونفوذ كبيرين في الجزيرة. لم يحموا مالطا فحسب، بل كانوا أيضًا مشغولين بالإدارة والتجارة والنشاط الثقافي.
كانت العصور الوسطى مرحلة مهمة في تاريخ مالطا، حيث شكلت ثقافتها واقتصادها وبنيتها الاجتماعية. كان لتأثير البيزنطيين والعرب والنورمان وفرسان مالطا دور كبير في تشكيل هوية الجزيرة الفريدة التي لا تزال قائمة حتى اليوم. تعتبر مالطا اليوم مركزًا ثقافيًا وتاريخيًا مهمًا يجذب السياح من جميع أنحاء العالم الراغبين في معرفة تاريخها الغني.