لعبت الإصلاحات الاجتماعية في جمهورية مولدوفا، خاصة بعد استعادة استقلالها في عام 1991، دورًا رئيسيًا في تشكيل السياسة الاجتماعية، وتحسين جودة حياة المواطنين، وتطوير المجالات الرئيسية في القطاع الاجتماعي، مثل الصحة، والتعليم، والحماية الاجتماعية، وعلاقات العمل. تهدف هذه الإصلاحات إلى معالجة آثار الفترة السوفيتية والتكيف مع الحقائق الاقتصادية والاجتماعية الحديثة. خلال عملية إصلاح القطاع الاجتماعي، تسعى جمهورية مولدوفا إلى الاندماج في المجتمع الدولي وتعزيز الديمقراطية وحقوق المواطنين.
بعد إعلان الاستقلال في عام 1991، واجهت مولدوفا ضرورة تحويل نظامها الاجتماعي، الذي تم تصميمه وفقًا للنموذج السوفيتي. كانت إحدى الخطوات الأولى هي اعتماد الدستور في عام 1994، الذي أعلن جمهورية مولدوفا دولة ذات سيادة وديمقراطية. وضعت هذه الأحداث الأساس لإجراء إصلاحات أساسية في المجال الاجتماعي.
في التسعينيات، واجهت البلاد أزمة اقتصادية شديدة نتيجة الانتقال من الاقتصاد المخطط المركزي إلى الاقتصاد السوقي. رداً على هذه التحديات، بدأت الإصلاحات في مجالات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية. في مجال الصحة، تم اتخاذ قرار بتنفيذ خدمات طبية مدفوعة، مما ساعد في خلق مصادر تمويل جديدة للمستشفيات والعيادات. ومع ذلك، أثار ذلك أيضًا انتقادات، حيث زادت الفروق الاجتماعية في الوصول إلى الخدمات الطبية.
في التعليم، تم إجراء عدة إصلاحات تهدف إلى تحديث المناهج المدرسية والتعليم الجامعي، بالإضافة إلى تحسين جودة التعليم. في هذا الوقت، تم استعادة الروابط مع المؤسسات التعليمية في البلدان الغربية، مما ساعد على تحسين تدريب المتخصصين في مختلف المجالات.
كانت إحدى أهم الإصلاحات الاجتماعية التي تمت في مولدوفا هي إصلاح نظام الضمان الاجتماعي، بما في ذلك نظام المعاشات. في عام 1998، تم إنشاء نظام التأمين التقاعدي الحكومي الإلزامي، الذي كان من المفترض أن يحل محل النموذج السوفيتي، القائم على نظام مركزي صارم.
علاوة على ذلك، في عام 2000، تم بذل محاولات لإصلاح نظام حماية السكان، بما في ذلك البرامج التي تساعد الأسر الفقيرة والعاطلين عن العمل. في عام 2004، تم إطلاق برنامج "الضمان الاجتماعي الأدنى"، الذي يوفر مستوى أساسي من الحماية الاجتماعية لجميع المواطنين، وخاصة لأولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية وليس لديهم دخل ثابت.
ومع ذلك، على الرغم من الإصلاحات، استمر نظام المعاشات في مولدوفا في مواجهة صعوبات. كان العديد من المتقاعدين والمواطنين ذوي الدخل المنخفض يواجهون مشاكل في الحصول على دفعات كريمة، مما أدى إلى عدم الاستقرار الاجتماعي. ظلت المشكلات المتعلقة بنظام المعاشات ومنخفضة مستوى المعاشات قضية تهم المجتمع لسنوات عديدة.
واجهت الصحة في مولدوفا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي العديد من المشكلات، بما في ذلك نقص التمويل والبنية التحتية المتهالكة. استجابة لهذه التحديات، تم إجراء عدة إصلاحات في مجال الصحة. كانت واحدة منها محاولة لتحويل نظام الصحة إلى مبادئ السوق، بما في ذلك إدخال الممارسات الطبية الخاصة والخدمات المدفوعة في المؤسسات الحكومية.
في عام 2004، تم اعتماد استراتيجية جديدة لإصلاح الصحة، التي كانت تهدف إلى تحسين جودة الخدمات الطبية وتيسر الوصول إليها للسكان. ومع ذلك، في الممارسة العملية، واجهت الإصلاحات العديد من المشكلات، مثل نقص الكوادر الطبية المؤهلة، وعدم كفاية التمويل، والهجرة المستمرة للأطباء والعاملين في المجال الطبي إلى الخارج.
في السنوات الأخيرة، تحول التركيز في الصحة إلى الوقاية من الأمراض، وتحسين ظروف الصحة العامة، وزيادة كفاءة عمل المؤسسات الطبية. في عام 2014، تم اتخاذ قرار بإصلاح نظام الصحة بهدف تحسين جودة الرعاية الطبية وزيادة الوصول إليها لجميع فئات المجتمع.
شهد نظام التعليم في مولدوفا أيضًا تغييرات في الفترة ما بعد السوفيتية. في أوائل التسعينيات، تم اتخاذ قرار بإصلاح التعليم المدرسي والانتقال إلى أساليب أكثر حداثة. كانت إحدى العناصر الأساسية لهذه التغييرات هي إدخال مناهج دراسية جديدة تهدف إلى تأهيل متخصصين يتماشى مع المعايير الدولية.
كانت إحدى المهام الرئيسية هي زيادة عدد الطلاب الذين يتعلمون وفقًا للمعايير الغربية، مع التركيز على دراسة اللغات الأجنبية والعلوم الحديثة. في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بدأت برامج تهدف إلى دمج مولدوفا في النظام التعليمي الدولي، بما في ذلك المشاركة في عملية بولونيا، وزيادة التنقل الأكاديمي، وتحسين جودة التعليم الجامعي.
تلقى تحديث الكادر التعليمي اهتمامًا خاصًا. كانت خطوة مهمة هي إجراء تقييمات وشهادات للمعلمين، بالإضافة إلى تحسين تدريب المعلمين في الجامعات والمدارس. ومع ذلك، واجهت هذه الإصلاحات مشكلات مرتبطة بعدم كفاية التمويل في القطاع التعليمي، مما أدى إلى نقص في المواد الدراسية وانخفاض رواتب المعلمين.
تواجه مولدوفا مشكلة البطالة بين الشباب العالية، مما يتطلب جهودًا إضافية لخلق فرص العمل للشباب. في السنوات الأخيرة، تعمل الحكومة بنشاط على تحسين التوظيف والاندماج الاجتماعي للشباب. أصبحت برامج توظيف الشباب وتحسين الظروف للمشاريع الناشئة والشركات الصغيرة جزءًا مهمًا من السياسة الاجتماعية في البلاد.
علاوة على ذلك، تم توجيه الجهود نحو تطوير التعليم الفني والمهني، الذي كان من المفترض أن يكون حلقة الوصل بين النظام التعليمي واحتياجات سوق العمل. كانت الخطوات المهمة في سياسة الشباب هي إنشاء مراكز ومنظمات شبابية تدعم المشاركة النشطة للشباب في حياة المجتمع.
لقد غيرت الإصلاحات الاجتماعية في مولدوفا، التي أجريت على مدى العقود القليلة الماضية، بشكل كبير صورة القطاع الاجتماعي في البلاد. على الرغم من التحديات الاقتصادية والسياسية، تواصل جمهورية مولدوفا تنفيذ التغييرات الهادفة إلى تحسين حياة المواطنين. تهدف الإصلاحات في مجالات التعليم والصحة والحماية الاجتماعية وسياسة العمل إلى تحقيق هدف طويل الأمد — إنشاء نظام أكثر استدامة وشمولًا يضمن تكافؤ الفرص لجميع المواطنين ويحسن جودة حياة الأمة ككل.