يغطي التاريخ القديم لبنما فترة من الزمن تبدأ من العصور ما قبل التاريخ حتى وصول الأوروبيين في القرن السادس عشر. كانت هذه الأراضي موطناً لعدة شعوب أصلية تمتلك ثقافات وتقاليد فريدة. لعبت بنما دوراً هاماً كحلقة وصل بين أمريكا الشمالية والجنوبية وكانت لها أهمية استراتيجية للتجارة والتبادل الثقافي.
تركت الشعوب القديمة في بنما، مثل الكاکوا، غونا و يمبيرا، وراءها العديد من الاكتشافات الأثرية. كانت هذه الشعوب تمارس الصيد، وجمع الثمار، والزراعة، وكان أسلوب حياتهم يتغير بناءً على الظروف المناخية والموارد المتاحة.
على سبيل المثال، كانت الشعوب التي تعيش في المناطق المنخفضة تزرع الذرة والفاصولياء واليقطين، في حين كان سكان المناطق الجبلية يمارسون تربية الحيوانات وصيد الحيوانات البرية.
ظهر التطور الثقافي للشعوب الأصلية في بنما في فنونهم، وموسيقاهم، وطقوسهم. كانوا يصنعون منتجات خزفية جميلة، ومجوهرات، وأقمشة، كانت تستخدم في الحياة اليومية وفي المناسبات. غالباً ما كان المجتمع ينظم بناءً على هيكل قبلي، حيث كان لكل عائلة عاداتها وتقاليدها الخاصة.
كان لدى شعوب بنما أيضاً أنظمة دينية معقدة تعتمد على عبادة أرواح الطبيعة والأسلاف. كان العديد من الطقوس والمناسبات مرتبطة بالدورات الزراعية، وكان للشامان دور هام في الحياة الدينية للمجتمعات.
تم العثور في بنما على العديد من المعالم الأثرية التي تشهد على تطور الثقافات المحلية. واحدة من أكثرها شهرة هي موقع تيرامو، حيث تم العثور على بقايا هياكل قديمة وقطع أثرية تعود لفترات مختلفة. تساعد هذه الاكتشافات العلماء على فهم أسلوب حياة الشعوب القديمة وتفاعلهم مع البيئة المحيطة.
تشمل الاكتشافات المهمة الأخرى قطعاً حديدية نيزكية تشير إلى تواصل السكان المحليين مع ثقافات أخرى، بالإضافة إلى العديد من المنتجات الخزفية التي كانت تستخدم في الحياة اليومية والطقوس.
حدث أول اتصال لبنما مع الأوروبيين عام 1501، عندما وصل المستكشف الإسباني ألفونسو دي أوخيدا إلى السواحل. أطلق هذا الحدث بداية الاستعمار وتغيير الهياكل الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة. بعد ذلك بفترة قصيرة، بدأت بعثات نشطة تهدف إلى دراسة واستعمار الأراضي الجديدة.
أصبحت بنما جزءاً مهماً من النظام الاستعماري الإسباني. كانت عبرها تمر طرق التجارة التي تربط المستعمرات الإسبانية في أمريكا الوسطى والجنوبية، مما ساعد في تعزيز التبادل الثقافي والاقتصادي.
جعل الموقع الاستراتيجي لبنما على الطريق بين المحيط الهادئ والمحيط الأطلسي منها مركز نقل هام. ظهر ذلك أولاً في بناء قناة بنما في بداية القرن العشرين، لكن قبل ذلك كانت تستخدم طرق ومسارات متنوعة للتجارة والتنقل.
كانت بنما بمثابة مسار هام للتجار والمستكشفين، مما ساهم في تعزيز الاقتصاد في المنطقة وتفاعلها مع الثقافات الأخرى. نتيجة لهذا التبادل، نشأت تقاليد وعادات جديدة، أغنت التراث الثقافي لبنما.
يمثل التاريخ القديم لبنما فترة مثيرة مليئة بالإنجازات الثقافية، وتفاعل مختلف الشعوب، والتغييرات الناتجة عن الاتصالات الخارجية. لا يزال هذا الإرث يؤثر على المجتمع والثقافة الحديثة في بنما، مما يبرز ثراء وتنوع تاريخها.