كانت سومر واحدة من أقدم الحضارات، وقد وضعت الأسس للعديد من جوانب الثقافة الإنسانية والنظام الحكومي، التي تم تطويرها لاحقًا من قبل شعوب أخرى في بلاد ما بين النهرين وحول العالم. كان الهيكل الاجتماعي والسياسي لديهم معقدًا ومتعدد المستويات، يعكس احتياجات مجتمع سريع التطور، الذي بنى أولى المدن وابتكر الكتابة وشكل المؤسسات الحكومية.
كان أحد الجوانب الرئيسية للهيكل الاجتماعي والسياسي لسومر هو نظام المدن-الدول. كل مستوطنة سومرية كانت تمثل كيانًا سياسيًا مستقلًا تديره حاكم منفصل. كانت المدن-الدول مثل أوروك، وأuur، ولغش، وكش، وإريدو، مراكز الحياة الاقتصادية والثقافية والدينية للمجتمع السومري. كانت هذه المدن تؤدي دور المراكز السياسية والاقتصادية والدينية، وتوفر الإدارة والحماية لسكانها.
كانت كل دولة معزولة، وغالبًا ما كانت تحدث صراعات بين المدن للسيطرة على الأرض والموارد. في الوقت نفسه، كانت المدن تحافظ على روابط تجارية وثقافية نشطة مع بعضها البعض، مما ساعد على تطورها.
تجمع السلطة السياسية في المدن-الدول في أيدي الحكام، الذين يحملون ألقاب إنسي أو لوغال. كان الإنسي حاكم المدينة ويؤدي في الوقت نفسه وظائف المدير الأعلى للكهنة، مما يمنحه سلطات علمانية ودينية. كان يُعتبر الإنسي غالبًا ممثلًا للآلهة على الأرض، وكانت سلطته مدعومة من خلال نظام معقد من الطقوس والشعائر الدينية.
في بعض المدن-الدول، كان عنوان الحاكم يتغير حسب الوقت. على سبيل المثال، كان عنوان لوغال (الملك) يُستخدم في الفترات التي كانت فيها سلطة المدينة تمتد إلى أراضٍ أوسع، مما يتطلب تعزيز السلطة السياسية. لم يكن اللوغال مجرد حاكم لمدينة واحدة، بل يمكن أن يسيطر على عدة مدن أو حتى مناطق كاملة.
لعب الكهنة في المجتمع السومري واحدة من أهم الأدوار في الهيكلة الاجتماعية والسياسية. كانوا ليسوا فقط قادة دينيين، ولكن غالبًا ما شغلوا مناصب إدارية هامة. كانت المعابد لا تقدم فقط أماكن للعبادة، ولكن أيضًا كانت مراكز اقتصادية، حيث تم تخزين الثروات والحبوب والموارد الأخرى. كان الكهنة مسؤولين عن إجراء الطقوس والتضحيات والتنبؤ بإرادة الآلهة. بفضل هذه السلطة، تمكن الكهنة من التأثير على اتخاذ القرارات السياسية.
كانت جزء كبير من الحياة العامة مرتبطًا بالمعابد. كان الكهنة يديرون الأراضي المملوكة للمعابد ويقومون بتوزيع الموارد بين السكان، مما يعزز تأثيرهم على الاقتصاد والسياسة في المدينة. كانت المعابد في الغالب أكبر مالكي الأراضي في المدن-الدول، وكان السيطرة على المعابد توفر للكهنة سلطة اقتصادية وسياسية كبيرة.
كان الهيكل العسكري للسومريين يلعب دورًا رئيسيًا في حماية المدن-الدول من التهديدات الخارجية وشن الحملات العسكرية. كل دولة كان لها قواتها المسلحة، التي تشكلت من المواطنين وقيادة الحاكم أو القائد العسكري. كانت المدن غالبًا ما تخوض حروبًا فيما بينها للسيطرة على الموارد، خاصة الأراضي والموارد المائية.
شكل المشاة المسلحين بالرمح، والسهام، والدروع أساس الجيش. اخترع السومريون أيضًا العربة، التي استخدمت للتنقل السريع في ساحة المعركة. لعب الجيش دورًا مهمًا في توسيع تأثير المدينة-الدولة. على سبيل المثال، استخدم حكام مثل إيناتوم من لغش جيشهم لفتح المدن المجاورة وتوسيع سلطتهم على جميع بلاد ما بين النهرين.
كان الهيكل الاجتماعي لسومر متعدد الطبقات ويشمل عدة فئات. قمة الهرم كانت مشغولة بالحكام والكهنة الذين كانوا يمارسون السلطة السياسية والدينية. تحتهم كان هناك التجار، والحرفيون، والفلاحون. وكانت الطبقة الأدنى تتكون من العبيد، الذين كانوا يعملون لدى العائلات الغنية وفي المعابد.
كانت اقتصاد سومر مبنيًا على الزراعة والري. ابتكر السومريون نظامًا معقدًا من القنوات والسدود لري الأراضي، مما ساعد على زيادة الإنتاجية بشكل كبير. كانت الحياة الاقتصادية منظمة حول المعابد والقصور، التي كانت تدير الموارد وتوزعها بين السكان.
كانت التجارة تلعب أيضًا دورًا مهمًا في اقتصاد السومريين. كانت سومر تصدر الحبوب، والخزف، والنسيج في مقابل المعادن، والخشب، وموارد أخرى نادرة لم تُنتج في بلاد ما بين النهرين. كانت الروابط التجارية للسومريين تمتد شمالًا إلى الأناضول، شرقًا حتى عيلام، وجنوبًا حتى الهند.
كان الهيكل الاجتماعي والسياسي لسومر معقدًا ومتعدد المستويات، مما يعكس درجة عالية من التطور لهذه الحضارة القديمة. لعبت المدن-الدول، التي كان لكل منها نظامها السياسي الفريد، دورًا مركزيًا في حياة المجتمع السومري. كانت السلطة مركزة في أيدي الحكام والكهنة، الذين كانوا يديرون الاقتصاد والدين والسياسة. كما كان للهيكليات العسكرية أهمية كبيرة في حماية وتوسيع سلطات المدن. إن تأثير السومريين على الحضارات اللاحقة وعلى تطور التاريخ البشري من الصعب تقييمه، وإنجازاتهم لا تزال تدرس وتدهش العلماء حتى اليوم.